الذكاء الاصطناعي في مجال الصحة النفسية.. ثورة جديدة في التشخيص والعلاج

البوابة العربية لأخبار التقنية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

يُحدث الذكاء الاصطناعي ثورة في مجال الرعاية الصحية الشاملة، كما يؤدي دورًا مهمًا في العلاج النفسي (Psychotherapy) والطب النفسي (Psychiatry)؛ إذ يساعد في التشخيص المبكر للاضطرابات العقلية، وتخصيص التدخلات العلاجية، بالإضافة إلى تحسين جودة الرعاية، وتوسيع نطاق وصول المرضى إلى خدمات الرعاية النفسية.

إليك كيف يُعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل مجال الصحة النفسية، وكيف يؤثر في طرق التشخيص والعلاج: 

أولًا: ما الفرق بين العلاج النفسي والطب النفسي؟

يؤثر الذكاء الاصطناعي في مجال العلاج النفسي بطريقة مختلفة قليلًا عن طريقة تأثيره في الطب النفسي، وسنوضح فيما يلي هذا التأثير:

الذكاء الاصطناعي والعلاج النفسي:

العلاج النفسي يُشار إليه غالبًا باسم العلاج بالكلام، وهو نهج علاجي يساعد الأفراد في فهم المشكلات النفسية التي يعانونها وكيفية إدارتها. وهذا العلاج فعال بنحو خاص في الكشف المبكر عن الاضطرابات النفسية وعلاجها من خلال المناقشة وفهم المشاعر، والأفكار، والسلوكيات لدى المرضى.

تساعد بعض أدوات الذكاء الاصطناعي المعالجين في تحليل وتتبع تقدم العلاج النفسي، وتحسين إستراتيجيات التدخل، وتقديم دعم أفضل للمرضى. كما يُحسن الذكاء الاصطناعي طرق معالجة المشكلات النفسية الشائعة، مثل: القلق والاكتئاب، والصدمات، والصعوبات في العلاقات.

الذكاء الاصطناعي والطب النفسي:

الطب النفسي هو فرع من فروع الطب، يركز في تشخيص وعلاج الاضطرابات الصحية العقلية (النفسية). وعلى عكس العلاج النفسي الذي يعتمد بنحو أساسي على التواصل اللفظي، غالبًا ما يُستخدم في الطب النفسي العلاجات الطبية، مثل: الأدوية، لإدارة المشكلات النفسية وعلاجها.

يستخدم الذكاء الاصطناعي في الطب النفسي، من خلال أدوات تحليل البيانات المتقدمة لتحسين عملية التشخيص ومراقبة فعالية طرق العلاج. 

ويكمن الاختلاف الرئيسي بين العلاج النفسي والطب النفسي في نهجهما في علاج الحالات النفسية؛ إذ يركز العلاج النفسي في التدخلات القائمة على المحادثات والحوار، وأما الطب النفسي فيعتمد على الأساليب الطبية التقليدية القامة على العلاج بالأدوية. 

ثانيًا: تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجال العلاج النفسي

يُحدث الذكاء الاصطناعي ثورة في مجال العلاج النفسي من خلال برامج الدردشة الآلية والمساعدين الافتراضيين، مما يسمح بتوفير جلسات علاجية عبر الإنترنت. ويمكن للأدوات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي مثل: Youper و WoeBot و Elomia و Wysa تقديم الدعم الفوري، وتوجيه المرضى من خلال التمارين العلاجية، وحتى محاكاة الجلسات العلاجية الحقيقية.

يعزز استخدام الذكاء الاصطناعي في العلاج النفسي إمكانية الوصول إلى أدوات الرعاية النفسية خاصة في المناطق النائية أو التي تعاني نقص الخدمات. ويمكن أن تساعد أدوات الذكاء الاصطناعي هذه أيضًا في تقليل الإحراج المرتبط بحضور جلسات العلاج النفسي من خلال إجراء جلسات أكثر خصوصية وسرية من الجلسات التقليدية.

الذكاء الاصطناعي في مراقبة وتقييم تقدم العلاج النفسي:

يُستخدم الذكاء الاصطناعي في العلاج النفسي لمراقبة وتقييم تقدم العلاج النفسي؛ مما يوفر للمعالجين والمرضى رؤى قيّمة عن فعالية جلسات العلاج. ومن خلال المراقبة المستمرة لسلوك المريض، ومزاجه واستجابته للعلاج، يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي المُستخدمة في العلاج النفسي تحديد الأنماط واقتراح إجراء تعديلات في خطة العلاج عند الضرورة.

على سبيل المثال: يمكن لتطبيقات الذكاء الاصطناعي المُستخدمة في العلاج النفسي تحليل نصوص جلسات العلاج لتقييم مشاعر المريض وحديثه؛ مما يساعد المعالجين في تحسين نهجهم العلاجي.

ثالثًا: الذكاء الاصطناعي في الطب النفسي 

يساعد الذكاء الاصطناعي في تحسين مجال الطب النفسي من خلال تعزيز القدرة على تشخيص الاضطرابات العقلية، واكتشافها مبكرًا وتخصيص علاجها. 

إذ تساعد خوارزميات الذكاء الاصطناعي في تحديد المؤشرات الحيوية المرتبطة بالقلق والاكتئاب بكفاءة. وفي تشخيص حالات مثل: الاكتئاب والقلق والفصام، وذلك من خلال تحليل كميات كبيرة من البيانات، وتحديد الأنماط التي قد يصعب على الأطباء تعرفها. 

من ناحية أخرى يؤدي الذكاء الاصطناعي في مجال الطب النفسي دورًا حاسمًا في الكشف المبكر عن الاضطرابات العقلية، والتدخل في الوقت المناسب. فمن خلال تحليل البيانات من مصادر متعددة مثل: سجلات المرضى، ونشاطهم على وسائل التواصل الاجتماعي، والأجهزة القابلة للارتداء التي يستخدمونها، يمكن للذكاء الاصطناعي تحديد العلامات المبكرة للإصابة ببعض الاضطرابات النفسية. وهذا الكشف المبكر مفيد لحالات مثل: الاكتئاب والقلق والاضطراب الثنائي القطب، إذ يمكن للتدخل المبكر المساعدة في الشفاء بسرعة.

طُوّرت العديد من أدوات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي للمساعدة في التدخل المبكر في مجال الطب النفسي. على سبيل المثال: يمكن لبعض المنصات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي مراقبة الأنشطة والسلوكيات اليومية للمرضى من خلال تطبيقات الهواتف الذكية، واكتشاف التغييرات التي قد تشير إلى ظهور مشكلات نفسية. ويمكن لهذه المنصات تنبيه مقدمي الرعاية النفسية؛ مما يسمح لهم بالتدخل قبل تفاقم وضع المريض. 

يساعد الذكاء الاصطناعي أيضًا في تخصيص طرق العلاج النفسي من خلال تصميم خطط العلاج بناءً على البيانات الشخصية المتعلقة بالحال النفسية؛ إذ يمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي تحليل البيانات الفريدة للمريض، مثل: التاريخ الطبي والمعلومات الجينية، والأنماط السلوكية، ثم تطوير إستراتيجيات علاجية مخصصة فعالة ودقيقة. ويضمن هذا النهج المخصص أن التدخلات العلاجية مصممة خصوصًا لتلبية احتياجات كل مريض؛ مما يؤدي إلى نتائج فضلى.

رابعًا: التحديات المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي في العلاج النفسي والطب النفسي:

يرتبط استخدام الذكاء الاصطناعي في العلاج النفسي والطب النفسي بالعديد من التحديات؛ إذ يعد أمن البيانات الحساسة للمرضى مصدر قلق كبير، ويجب التحقق من توفير وسائل حماية لمنع أي تسريب لبيانات المرضى.

من ناحية أخرى، لا تميز أنظمة الذكاء الاصطناعي المُستخدمة في العلاج النفسي دائمًا الفروق الدقيقة للعواطف والسلوكيات البشرية، مما قد يؤدي إلى تقديم رعاية أقل تخصيصًا. 

بالإضافة إلى ذلك، هناك قلق مستمر مرتبط بكيفية الحفاظ على العنصر البشري في العلاج النفسي والطب النفسي؛ لأن العلاقة بين الطبيب والمريض من العناصر الحاسمة لضمان العلاج الفعال.

خامسًا: مستقبل الذكاء الاصطناعي في العلاج النفسي والطب النفسي:

يمكن للتطورات المستمرة في الذكاء الاصطناعي أن تغير مستقبل العلاج النفسي والطب النفسي، ويكون ذلك بتطوير خوارزميات ذكاء اصطناعي متقدمة قادرة على محاكاة التعاطف والفهم البشري، مع دمج الذكاء الاصطناعي في العلاج النفسي مع تقنيات أخرى مثل: الواقع الافتراضي لتوفير تجارب علاجية غامرة.

الخاتمة:

يؤدي الذكاء الاصطناعي دورًا محوريًا في تحسين العلاج النفسي والطب النفسي، وتقديم حلول مبتكرة لتعزيز التشخيص والعلاج والرعاية الشاملة للمرضى. وذلك من خلال تحسين دقة التشخيص، وتمكين التخطيط للعلاج الشخصي، وتوفير أدوات المراقبة المستمرة.

كما يساعد في الكشف المبكر عن الأمراض النفسية، والتدخل المبكر، وتطوير الأساليب العلاجية الشخصية. ومع تسارع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، أصبحت إمكاناتها لإحداث ثورة في الصحة النفسية واضحة، ومن المتوقع أن يتأثر مستقبل العلاج النفسي والطب النفسي بنحو عميق بالذكاء الاصطناعي؛ مما يسهل العلاج النفسي ويعزز فعاليته. 

نسخ الرابط تم نسخ الرابط

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق