يتواصل اعتصام عمال محطة كهرباء تركية لليوم الثالث، احتجاجًا على خطة حكومية لبيعها، إلى جانب أصول ومعدّات، من خلال عملية مزايدة مغلقة.
ووفقًا لمتابعة منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) لتفاصيل القضية، بدأ 500 عامل اعتصامًا، الأربعاء 20 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، في محطة كهرباء تشايرهان الواقعة في منطقة ناليهان بالعاصمة التركية أنقرة، محذّرين من تصعيد احتجاجاتهم إلى إضراب عن الطعام إذا لم تُستجَب مطالبهم.
من جهة، يبدي العمال مخاوفهم من أن عملية الخصخصة الجارية منذ نحو شهر ونصف الشهر تهدد حقوقهم ومناصبهم، إذ لم تتضمن شروط العطاءات، التي ستُغلق في 4 ديسمبر/كانون الأول 2024، أيّ ضمانات لحماية مصالحهم، مما يعرّض وظائفهم ومنازلهم للخطر.
ومن جهة مقابِلة، طرحت الحكومة التركية المحطة للبيع، بداعي صعوبات متزايدة في تمويل وتصنيع المعدّات الجديدة، وتراجع الجدوى والاستدامة الاقتصادية لها، وعدم القدرة على تغطية تكاليفها إلّا بدعم من الدولة، لم يعد بمقدورها تحمُّله، في ظل الأزمة الاقتصادية.
محطة تشايرهان
محطة تشايرهان هي محطة كهرباء تركية عاملة بالفحم يبلغ إجمالي طاقتها المركبة 620 ميغاواط/ساعة، بدأت عملياتها في أنقرة عام 1987، ويعدّ الليغنيت الوقود الرئيس للمحطة بقيمة حرارية تبلغ ما بين ألفين وألفين و400 كيلو كالوري/كغم، وفق بيانات شركة توليد الكهرباء "euas".
وفي عام 2000، نُقلت المحطة، التي كانت تديرها شركة الفحم التركية، إلى شركة بارك تيرميك المملوكة لشركة تورغاي سينر، وبعد انتهاء اتفاقية نقل حقوق التشغيل لمدة 20 عامًا في 30 يونيو/حزيران 2020، عادت المحطة إلى الدولة، التي بدورها طرحتها مؤخرًا للبيع.
وعندما نُقلت حقوق تشغيل المحطة لأول مرة، استمرت الشركة التي كان تتولى إدارتها في تشغيلها، وخلال هذه المدة، رُكّبت بالمحطة أجهزة ترسيب كهروستاتيكية أكبر ونظام جديد لإزالة الكبريت من غازات الاحتراق، ورغم هذه التطويرات واجهت المحطة تدقيقًا متزايدًا من المنظورين الاقتصادي والبيئي.
وحتى الآن، هناك 51 محطة كهرباء تركية تعمل بالفحم قيد التشغيل، منها 13 محطة تستعمل الفحم المستورد، و33 محطة تعتمد على الفحم البني، و4 محطات تستعمل الفحم الصلب المحلي، ومحطة واحدة تستعمل الفحم القاري (الأسفلتي)، بحسب بيانات هيئة تنظيم سوق الطاقة في تركيا.
جدل بين الحكومة والعمال والمعارضة
تظل محطة تشايرهان، بعد طرحها للبيع، محور الجدل بين الحكومة والعمال والمعارضة، في قضية تتجاوز حدود الاقتصاد، لتلامس الجوانب الاجتماعية والسياسية.
وقال النائب عن حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم فؤاد أوقطاي، إن الحكومة تعمل على ضمان حماية حقوق العمال المكتسبة، متهمًا بعض الأطراف بمحاولة "تسييس" الوضع، في إشارة إلى الزيارات التضامنية من قادة الأحزاب المعارضة.
ميدانيًا، تواصل اعتصام العمال لليوم الثالث، الجمعة 22 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، وسط تساؤلات حول ما إذا كانت السلطات ستتراجع عن خطط الخصخصة، أم ستُقدّم ضمانات صريحة لحماية حقوق العمال.
وعبّر العمال عن استيائهم وقلقهم من المستقبل، مؤكدين أن الاعتصام هو الطريقة الوحيدة للدفاع عن حقوقهم، إذ قال أحد المعتصمين -يُدعى فرحات جيديروغلو-: "لقد قدّمنا الكثير من الجهد لهذه المحطة، والآن نشعر بعدم الأمان بشأن وظائفنا، نحن هنا لنُظهر وحدتنا."
بينما أوضح آخر -يدعى علي ساراتش-: "نعمل معًا في وحدة وأخوّة، لا نريد أن نخسر هذا العمل الذي يمثّل مصدر رزقنا"، في حين أبدى المعتصم إرديم أوزكورت رفضه القاطع للخصخصة، قائلاً: "هذا المنجم مربح، ونريد وقف هذا البيع الذي قد يتسبب في تسريحنا نهائيًا".
وأكد العمال عزمهم مواصلة احتجاجهم داخل المنجم، ملوّحين بإضراب عن الطعام إذا لم يتحقق أيّ تقدُّم بشأن مطالبهم، وفي خارج المنجم، تجمَّع المئات من أسر العمال والمتضامنين لمساندة الاعتصام، ما منح زخمًا لهذه الاحتجاجات.
وفي سياق متصل، حظيت الاحتجاجات بدعم وتضامن واسعين من جانب منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية والنقابات العمالية.
وقال رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل، إن الخصخصة ستؤدي إلى تسريح العمال، وضغوط على الإنتاج، ومخاوف تتعلق بسلامة العمل، مضيفًا: "لهذا السبب نحن نعارض الخصخصة".
بدوره، أوضح نائب حزب الشعب الجمهوري دنيز يافوزيلماز أن عملية الخصخصة تتضمن بيع المصنع والمناجم والمساكن العمالية التي تضم نحو 800 وحدة سكنية، بالإضافة إلى الأراضي المحيطة.
وأضاف: "إن هذا المصنع، الذي ينتج كهرباء بقيمة 3 مليارات ليرة سنويًا، يحقق أرباحًا تصل إلى 10 مليارات دولار، عند تضمين إنتاج المنجم".
وأشار يافوزيلماز إلى أن الخصخصة الحالية تفتقر إلى الشفافية والعدالة، قائلًا: "السعر الأولي للعطاء يجب ألّا يقلّ عن 700 مليون دولار، لكن يبدو أن الهدف هو بيع هذا الأصل المربح بثمن زهيد".
من جانبه، قال رئيس اتحاد عمال المناجم في تركيا، نور الدين أقجول، إن الاتحاد يتابع التطورات عن كثب، ويقف بجانب العمال المحتجّين، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
منجم الليغنيت
يبلغ إجمالي المساحة المرخصة لمنجم الليغنيت تشايرهان في أنقرة نحو 104 آلاف و209 هكتارًا، وينقسم منجم حوض الليجنيت تشايرهان-بايبازاري إلى قطاعين، هما الحقل الأول والحقل الثاني.
وفي عام 2019، صودِر منجم ليغنيت جديد لصالح مشروع توسع مقترح (ب)، لكن أُلغي المشروع لاحقًا، واُلغيت تراخيصه بسبب عدم الجدوى الاقتصادية.
وشُغِّل حقل تشايرهان الأول لتلبية احتياجات محطة كهرباء تركية عاملة بالفحم، وهي محطة تشايرهان للطاقة الحرارية من الفحم، بقدرة 620 ميغاواط.
وفي مطلع يونيو/حزيران عام 1987، بدأ إمداد محطة الكهرباء بالفحم من الحقل، الذي يُنتِج نحو 5 ملايين طن من الفحم سنويًا بطريقة التشغيل الآلي الكامل تحت الأرض.
وفي إطار اتفاقية الامتياز، نُقل حق تشغيل حقل ليغنيت تشايرهان، في 30 يونيو/حزيران عام 2000، إلى الشركة المسؤولة لمدة 20 عامًا
بينما يبلغ الاحتياطي التشغيلي لحقل تشايرهان الثاني نحو 140 مليون طن، ومتوسط السعرات الحرارية للفحم 1971 كيلو كالوري/كغم.
وفي يوليو/تموز 2017، وُقِّعت اتفاقية من أجل إنشاء محطة كهرباء تركية تعمل بالطاقة حرارية في حقل تشايرهان الثاني بقدرة 800 ميغاواط، وتشغيل موقع المنجم بنقل حقوق التشغيل.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر..
- بيانات محطة تشايرهان للكهرباء من موقع شركة توليد الكهرباء التركية.
- بيانات منجم الليغنيت تشايرهان للفحم من موقع شركة توليد الكهرباء التركية.
0 تعليق