"وزارة برادة" تثير الجدل بالإعلان عن مباراة توظيف "أساتذة مساعدين"

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نقاش عميق بين الفاعلين التربويين والموظفين وحاملي الدكتوراه الراغبين في مزاولة التعليم الجامعي أثاره قرار لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بتوظيف مئات من الأساتذة في المراكز التربوية التابعة لها في إطار “أستاذ مساعد” عوضًا عن “أستاذ محاضر باحث”، المعتمدة في جميع المؤسسات والمعاهد التابعة للجامعة أو للقطاعات الحكومية الأخرى.

وأعلنت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة عن تنظيم مباراة يوم 2 دجنبر المقبل لتوظيف 600 أستاذ مساعد ينتمون إلى هيئة الأساتذة الباحثين في التربية والتكوين بمركز تكوين مفتشي التعليم، ومركز التوجيه والتخطيط التربوي، والمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين.

وفتحت الوزارة هذه المباراة، وفق قرار محمد سعد برادة، بإجرائها الصادر مطلع نوفمبر الماضي في “وجه الموظفين المرسمين الذين يزاولون مهامهم بقطاع التربية الوطنية والتعليم الأولي منذ مدة لا تقل عن أربع (4) سنوات عند تاريخ إجراء المباراة، الحاصلين على شهادة الدكتوراه أو دكتوراه الدولة أو على شهادة معترف بمعادلتها لها بقرار منشور في الجريدة الرسمية”.

ويقول خبراء وفاعلون تربويون إن “التوظيف في إطار أستاذ مساعد يثير تساؤلات وإشكاليات عديدة، على رأسها كيفية استفادة من سينتسبون إلى هذا الإطار من الترقية في مسارهم المهني، إضافةً إلى كونه يؤسس للتهميش في حق هؤلاء والتمييز بينهم وبين زملائهم القدامى المنتمين إلى نظام الأساتذة الباحثين، على اعتبار أنهم سيكونون محرومين من حقهم في الإشراف والعضوية بلجان مناقشة الدكتوراه، وكذا من تكوين ورئاسة مختبرات وفرق البحث بالجامعات، فضلاً عن حقوق أكاديمية عديدة”.

إشكاليات حاضرة

خالد الصمدي، كاتب الدولة للتعليم العالي سابقًا، أوضح بدايةً أن “جميع الأساتذة الجامعيين، سواء المشتغلين بالمؤسسات والمعاهد التابعة للجامعة أو بمؤسسات التعليم العالي وتكوين الأطر التابعة للقطاعات الوزارية المختلفة، يخضعون لنظام واحد هو النظام الأساسي الخاص بالأساتذة الباحثين”، مُسجّلًا أن “إحداث وزارة التربية الوطنية ضمن النظام الأساسي إطارا جديدا هو “الأستاذ المساعد”، بشكل غير مبرر أو مفهوم، سيخلق ارتباكًا وإشكالات عديدة داخل المراكز الجهوية للتربية والتكوين”.

وأضاف الصمدي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “من أبرز هذه الإشكاليات الضبابية كيفية استفادة الأساتذة المساعدين من الترقي داخل مسارهم المهني إلى إطار أستاذ مؤهل أو الدرجة الثالثة، أستاذ محاضر مؤهل، على عكس زملائهم الباحثين المحاضرين، الذين يوضح النظام الأساسي الخاضعين له مسار الترقي وما يقابل كل درجة في الأرقام الاستدلالية”، مُشيرا إلى أن “هذه الضبابية كان ينبغي توضيحها قبل فتح المباراة بواسطة نص تنظيمي”.

وأردف أن “التوظيف في إطار أستاذ مساعد من شأنه حرمان المنتسبين إليه من الإشراف على الدكتوراه والمشاركة في لجان مناقشتها، ومن تكوين فرق مختبرات البحث لأن النظام الأساسي لأساتذة التعليم العالي الباحثين يحصر من يحق لهم القيام بهذه المهام في الأساتذة الباحثين الخاضعين لقانون التعليم العالي”، مشيرا إلى أنه “بهذا المعنى سيجدون أنفسهم على الهامش بالمراكز الجهوية للتربية والتكوين نظرًا لأن المهام التي سوف تُسند إليهم ستكون محدودة جدًا”.

وتابع قائلا: “هذه الإشكاليات جعلت الكثير من حاملي الدكتوراه المنتسبين إلى قطاع التربية الوطنية مترددين في اجتياز المباراة المعلن عنها، مما يقتضي حلها قبل إجراء المباراة، من خلال تغيير تسمية “أستاذ مساعد” إلى “أستاذ باحث محاضر”، مثلما هو معمول به في جميع مؤسسات التعليم العالي التابعة للقطاعات الأخرى”.

ولفت إلى أن “الإصرار على إبقاء المراكز الجهوية للتربية والتكوين خاضعة للأكاديميات، رغم مطالبات الأساتذة بإلحاقها بالجامعات لتكون مؤسسات تعليم عال حقيقية، هو ما تسبب في الوقوع في هذه الإشكاليات”، مطالبًا “بدمج هذه المراكز مع المدارس العليا للتربية والتكوين وإدماجها في الجامعات”.

مخرج قانوني

أوضح جمال شفيق، خبير تربوي ومفتش تربوي مركزي سابق، أن “المراكز التربوية التابعة لقطاع التربية الوطنية، بالإضافة إلى مهامها المتمثلة في تكوين الأساتذة أطر الأكاديميات والمفتشين وغيرهم، عملت على الاجتهاد في تأهيل نفسها كمؤسسات جامعية من خلال فتح سلك الدكتوراه، وهو مكسب مهم سيمكن من تكوين وتأهيل الأساتذة الذين ستحتاجهم مستقبلاً”، مُضيفًا أن “هذه المؤسسات التربوية تتمتع بتجربة وخبرة كبيرتين هي التي مكنت من منحها الضوء الأخضر لإضافة سلك الدكتوراه”.

وأبرز شفيق، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنه “مع ذلك ثمّة إشكال قانوني يتمثل أساسًا في كون القانون رقم 00.01 المنظم للتعليم العالي (مؤسساته الجامعية وموارده البشرية..) والنظام الأساسي الخاص بهيئة الأساتذة الباحثين يتحدثان عن تسمية أستاذ باحث، بينما قطاع التربية الوطنية تعتمد فيه تسمية الأساتذة المساعدين”، مشيرًا إلى “ضرورة الاجتهاد لإيجاد مخرج قانوني في هذا الصدد من أجل إخضاع جميع الأساتذة لنظام واحد”.

ولفت إلى أن “وجود موظفين في التعليم العالي يسمون باحثين، وزملاء لهم حائزين على المؤهلات الأكاديمية والجامعية نفسها، أي الدكتوراه أو دكتوراه الدولة ولكن يسمون الأساتذة الباحثين، يؤشر بالفعل على وجود خلل ينبغي تصويبه لإنصاف الفئة الأخيرة من حيث التسمية لكي يتم حفظ حقوقها المادية والأكاديمية، تفعيلًا لمبدأ الإنصاف المنصوص عليه في الدستور”.

وتابع قائلا: “الإشكال الخاص بضبابية مسار الترقية بالنسبة للأساتذة المساعدين مطروح في هذا الصدد نظرًا لأنه لم يصدر بعد نص تنظيمي بهذا الخصوص. ولذلك يجب فتح نقاش بين الوزارة الوصية والنقابات وممثلي حملة الدكتوراه من أجل التباحث بشأن إصدار قرارات تنظيمية تبدد هذه الضبابية تفعيلًا للمقاربة التشاركية”.

وأبدى شفيق تأييده “لمطلب حذف إطار الأستاذ المساعد وإخضاع جميع الأساتذة لنظام الأساتذة الباحثين”، مشيرا إلى أنه “يجب أيضًا إيجاد صيغة قانونية ملائمة لتنزيله”، قبل أن يضيف أن هذا المطلب “سيساهم في حفظ حق جميع حاملي الدكتوراه، حينما يصبحون أساتذة بالمراكز سالفة الذكر، في الإشراف على البحث العلمي، وتمثيل مؤسساتهم في الندوات والمؤتمرات العلمية”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق