لطالما خطفت المركبات الكهربائية الأضواء بصفتها حجر الزاوية في تحول قطاع النقل نحو مصادر الطاقة النظيفة، لكن الأنظار بدأت تتجه إلى حلول أكثر عملية، وفي مقدمتها السيارات الهجينة، وسط تزايد المخاوف إزاء ارتفاع الطلب على النحاس.
فمع تحول صناعة السيارات صوب الحلول النظيفة، ارتفع الطلب على النحاس، كونه أحد المكونات الرئيسة لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية ومحركاتها والبنية الأساسية للشحن، فضلًا عن تقنيات الطاقة المتجددة الأخرى، مثل توربينات الرياح والألواح الشمسية.
وأشار تقرير حديث، اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)، إلى أن الطلب السنوي على النحاس قد يصل إلى قرابة 40 مليون طن بحلول عام 2040، في سيناريو الحياد الكربوني؛ ما يمثل تحديًا هائلًا أمام الصناعة لمواكبة هذه الوتيرة.
ومن هذا المنطلق، تمثّل السيارات الهجينة، التي تجمع بين محركات الاحتراق الداخلي التقليدية والمحركات الكهربائية، حلًا واعدًا لمواجهة الأزمة الوشيكة؛ لأنها تعتمد على كمية أقل من النحاس.
ارتفاع الطلب على النحاس
سلّط تقرير حديث صادر عن منتدى الطاقة الدولي الضوء على التحدي الهائل الذي يفرضه ارتفاع الطلب على النحاس.
وتوقع التقرير أن تلبية الطلب -وفقًا للسياسات الحالية- يحتاج إلى ارتفاع إنتاج النحاس العالمي بنسبة 115% على مدى العقود الـ3 المقبلة، حتى دون كهربة المركبات كافّة، وهو إنجاز من الصعب تحقيقه لسببين:
- تطوير مناجم النحاس الجديدة عملية طويلة ومعقدة، فقد استغرق تطوير المناجم التي بدأت العمل بين عامي 2019 و2022 قرابة 23 عامًا.
- انخفاض معدل اكتشاف رواسب النحاس الجديدة في السنوات الأخيرة، مع اكتشاف 16 مكمنًا في العقد الماضي، من 224 مكمنًا تم تحديدها منذ عام 1990.
وقد يدفع ارتفاع الطلب على النحاس الأسعار إلى الارتفاع، وإبطاء تطوير التقنيات النظيفة، إلى جانب المخاطر البيئية والاجتماعية الناجمة عن عمليات التعدين، التي أدت إلى تأخير أو إلغاء مشروعات في مناطق مثل الولايات المتحدة وبنما.
لذا باتت هناك حاجة ملحة إلى حلول يمكن أن تساعد في خفض الطلب دون عرقلة عملية التحول.
السيارات الهجينة توفّر الموارد وتخفّض الانبعاثات
رغم الترويج الهائل للمركبات الكهربائية بصفتها الحل الوحيد للحد من انبعاثات الكربون، فإن السيارات الهجينة يمكن أن تكون بديلًا موفرًا للموارد مع الإسهام في خفض الانبعاثات.
فالمركبات الهجينة تتطلّب عادةً قرابة 29 كيلوغرامًا من النحاس، مقارنة بـ24 كيلوغرامًا لمركبات محرك الاحتراق الداخلي و60 كيلوغرامًا للمركبات الكهربائية؛ ما يؤدي إلى انخفاض الطلب على النحاس، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وبينما يُنظر إلى المركبات الكهربائية على أنها الحل الأكثر فاعلية للحد من الانبعاثات على المدى الطويل، يمكن أن توفّر السيارات الهجينة مزايا بيئية كبيرة في الأمدَين القصير والمتوسط.
وأشار تقرير منتدى الطاقة الدولي إلى أن المركبات الهجينة تطلق غازات أقل بنسبة 30% مقارنة بالمركبات التقليدية، وأكثر كفاءة في استهلاك الوقود، وتتطلّب موارد أقل للتصنيع مقارنة بالسيارات الأخرى.
وبناءً على ذلك، صنّف المجلس الأميركي لاقتصاد كفاءة استهلاك الطاقة (ACEEE) سيارة "تويوتا بريوس برايم" الهجينة؛ كونها أكثر السيارات صديقة للبيئة في السوق لعام 2024.
كما وجد أن المركبات الكهربائية والهجينة لها تأثير إيجابي مماثل في صحة الإنسان من خلال الحد من تلوث الهواء.
جهود حكومية لتسريع التحول إلى بدائل نظيفة
في الوقت نفسه، تضع الحكومات أهدافًا طموحة للتخلص التدريجي من المركبات ذات محركات الاحتراق الداخلي لصالح بدائل نظيفة، مثل السيارات الهجينة.
فقد حدّدت المملكة المتحدة والولايات المتحدة خططًا لوقف بيع المركبات التقليدية بحلول عام 2035، مع طرح الاتحاد الأوروبي مقترحات مماثلة.
على النحو نفسه، تواصل الصين المضي قدمًا في وضع سياسات لفرض تفويضات تتعلّق بالمركبات الخالية من الانبعاثات، وتقديم حوافز قوية لتشجيع شراء المركبات الكهربائية.
ومن المتوقع أن تخصص صناعة السيارات تريليون دولار لتطوير المركبات الكهربائية والبطاريات بحلول عام 2030، فضلًا عن التزام الشركات العملاقة، مثل فولكسفاغن وجنرال موتورز، باستثمار مليارات الدولارات لإنتاج طرازات جديدة من المركبات الكهربائية.
وقد أدّت هذه الاستثمارات إلى تجاوز مبيعات السيارات الكهربائية العالمية 14 مليون وحدة في عام 2023، مع توقعات بارتفاع المبيعات إلى قرابة 17 مليون وحدة خلال العام الجاري.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر:
- دور السيارات الهجينة في إدارة الطلب على النحاس من منتدى الطاقة الدولي
- توقعات الطلب على النحاس من وكالة الطاقة الدولية
- توقعات مبيعات السيارات الكهربائية من وكالة الطاقة الدولية
0 تعليق