احتجاج يتمسك بتسلم "رفات زروال"

هسبيرس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نصف قرن انقضى منذ مقتل الفاعل السياسي اليساري عبد اللطيف زروال تحت التعذيب، بالمعتقل السياسي سيّء الذكر في تاريخ المملكة الراهنِ “درب مولاي الشريف” بالدار البيضاء. وتحيي هذه الذكرى مطالب “الحقيقة الكاملة”، و”تسلّم الرفات”، في وقفة احتجاجية، نظّمت أمس الخميس، أمام محكمة الاستئناف بالعاصمة الرباط.

ودعت ”لجنة كل الحقيقة حول مصير الشهيد عبد اللطيف زروال” إلى هذا الموعد الاحتجاجي، الذي يتمسّك بمطالب أسرة ورفاق زروال الذي كان عضوا بحركة “إلى الأمام المعارِضة”، وأستاذا لمادة الفلسفة، وقُتل تحت التعذيب وعمره لم يجاوِز 23 سنة، عامَ 1974.

وفي تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، قال عبد الإله بنعبد السلام، منسق الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان، إن هذه الوقفة قد نُظّمت “بمناسبة مرور 50 سنة على استشهاد المناضل عبد اللطيف زروال، لما اعتقل في نونبر 1974، وتم اختطافه واقتياده إلى المعتقل الرهيب درب مولاي الشريف، وسقط شهيدا بعد التعذيب الرهيب، وما زلنا نطالب بالكشف الحقيقة في ملفه، بعدما اتخذنا مجموعة من الخطوات السابقة”.

وأضاف بنعبد السلام: “الملف لم يأخذ عناية ‘هيئة الإنصاف والمصالحة’، ثم ‘المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان’ بعد ذلك”، لافتا إلى أن “عائلة عبد اللطيف زروال إلى حد الآن لم تتوصل بجثمانه، والحقيقة لا تزال غير معروفة، رغم أن فريق الأمم المتحدة الخاص بالاختفاء القسري راسل السلطات المغربية بشأنه، ورغم أن عائلته رفعت شكوى مع دفاعه، وقضت بعد ذلك محكمة النقض بأن إخفاء الجثة من بين الجرائم التي ليس فيها تقادم”.

وشدّد الحقوقي المغربي على أن “الجريمة السياسية لا تقادم فيها”، مردفا: “في سنة 2013، أرجعت محكمة النقض للاستئناف شكاية سنة 2009 لعائلة عبد اللطيف زروال، لإعادة فتحه، وهو ما لم يتمّ من ذلك الحين”، ولذا في الذكرى الخمسين لمقتل زروال، أوضح بنعبد السلام أن هذه الوقفة تُنظَّم “للمطالبة بإعمال العدالة وفتح تحقيق، وتمكين العائلة من الحقيقة، وجثمان ابنها، حتى يكون عندها الحق في تأبينه، وليكون لها قبر لتترحّم عليه فيه”.

حسن بناجح، الفاعل السياسي والحقوقي والقيادي في جماعة العدل والإحسان، ذكر، بدور، لهسبريس أن مشاركته جاءت تلبية لـ”إعلان لجنة متابعة قضية عبد اللطيف زروال وقفةً احتجاجية؛ فهذا ينسجم مع المقاربة الحقوقية، وهذا ملف يتعلق بانتهاك جسيم لحقوق الإنسان، واغتيال في إطار الإخفاء القسري والتعذيب الشديد في سنوات الرصاص سيئة الذكر”.

وأضاف المتحدث: “هذا ملف متعلق بعدم كشف مصير مُغتال تحت التعذيب طيلة خمسة عقود، مما نقل المعاناة إلى عائلته، التي لا تزال تتطلع إلى معرفة الحقيقة، وتسلم رفاته، وإكرامه بدفنه، وعدم إفلات المجرمين من المحاسبة”. ولذلك، تأتي المشاركة في الوقفة “مساندة للعائلة، ورفاق الشهيد، واللجنة المتبنية للموضوع، ومساندة للمطلب الأساسِ وهو استعادة الرفاة وكشف مكان القبر، لدفن العائلة ابنها، ومحاسبة المسؤولين”.

الحقوقي الطيب مضماض، صرح لهسبريس باسم “لجنة كل الحقيقة حول مصير عبد اللطيف زروال”، بقوله إن “الشهيد قد اختُطِف في 5 نونبر من سنة 1974، وظل لمدة عشرة أيام تحت التعذيب في المعتقل سيء الذكر، قبل إدخاله باسم مزور هو عبد اللطيف البارودي إلى مستشفى ابن سينا؛ لتضاف، إلى جرائم الاختطاف والتعذيب والاغتيال، جريمة إخفاء الجثة”.

وواصل: “عائلة عبد اللطيف زروال تطالب بالرفات أو بتعريف قبره، والدولة إبان ما أسمته بـ’هيئة الإنصاف والمصالحة’ صرحت بأنها لن تنتقم؛ لكن العائلات يبقى لها حق اللجوء إلى القضاء، فوضعت العائلة شكاية مباشرة لدى قاضي التحقيق بثماني جرائم، وعزز المحامون الشكاية بوثائق مهمة؛ من بينها محضر وقعه قدور اليوسفي والخلطي، وشهادة الوفاة بعد إدخال زروال إلى المستشفى، وهي وثائق أثبتت جرائم متعددة إضافة إلى جريمة إخفاء الجثة”.

لكن، رغم ذلك، سبق أن قضت “محكمة الاستئناف بالرباط بحفظ الشكاية بدعوى التقادم، ورفعت العائلة مدعومة بلجنة “كل الحقيقة” الملف أمام المجلس الأعلى في النقض، وكان نقضا جزئيا؛ حيث اعتبرت محكمة النقض أن إخفاء الجثة جريمة لا تتقادم، وأعادت الملف إلى الاستئناف لفتح التحقيق؛ ولكن منذ عشر سنوات ننتظر فتح التحقيق مع مجرمين كانوا أحياء آنذاك”.

لذا، “بعد التلكّؤ، واعتبارِنا الدولةَ غير جادة في التحقيق، اتجهنا إلى الفريق الأممي الخاص بالاختفاء القسري سنة 2016، ولما اجتمع اعتمد الملف، وراسلَنا قائلا إن التحقيق واجبٌ فتحُه، وراسل الفريقُ الدولةَ منذ خمس سنوات للقيام بذلك”، واليوم “في الذكرى الخمسين لاغتيال الشهيد عبد اللطيف زروال، نظمنا هذه الوقفة الاحتجاجية أمام استئنافية الرباط، ورفعنا شكاية إلى الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف، تسلّمها نائب عنه”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق