الرئيس الأمريكي الجديد وإيران وأوروبا.. معضلة طهران الدبلوماسية.. وهل يمكن أن يؤدي الاتفاق مع ترامب إلى التغيير؟

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
google news

تقف إيران عند مفترق طرق فى سياستها الخارجية، مع اكتساب المناقشات زخمًا بين بعض المسئولين فى طهران حول إمكانية التعامل مع دونالد ترامب بعد إعادة انتخابه. وعلى الرغم من العلاقة المتوترة تاريخيًا، بما فى ذلك انسحاب ترامب من الاتفاق النووى لعام ٢٠١٥، والعقوبات، وحتى اغتيال الجنرال قاسم سليماني قائد قوات فيلق القدس التابعة للحرس الثورى الإيراني.

يرى الكثيرون فى إيران أن إعادة انتخاب ترامب فرصة محتملة للتغيير الدائم فى العلاقة المتوترة بين إيران والولايات المتحدة. يتعمق هذا التقرير فى الآراء المنقسمة داخل القيادة الإيرانية والدوائر الخبيرة حول ما إذا كان التفاوض مع ترامب يمكن أن يؤدى إلى اتفاق عملى ودائم يخدم مصالح إيران.

تحويل التركيز

فى الأسبوع الذى أعقب فوز ترامب، بدأت الأصوات المؤثرة فى إيران تدعو إلى التجاوب. ونشرت صحيفة "الشرق" الإصلاحية افتتاحية حثت فيها الرئيس الإيرانى الجديد مسعود بزشكيان على تبنى "سياسة عملية ومتعددة الأبعاد" فى التعامل مع الولايات المتحدة. ويعتقد المسئولون الحكوميون المقربون من بزشكيان، أن استعداد ترامب للتوسط فى الصفقات قد يمنح إيران فرصة فريدة لتأمين اتفاقيات دائمة، وخاصة بسبب نفوذه الكبير على الحزب الجمهوري.
حث حميد أبو طالبي، المستشار السياسى السابق للحكومة الإيرانية، بزشكيان على تهنئة ترامب وتحديد نبرة جديدة للدبلوماسية العملية، واصفًا إياها بـ"الفرصة التاريخية" لإعادة تشكيل العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران. ويزعم هؤلاء المؤيدون للمشاركة أن تركيز ترامب على عقد الصفقات قد يتماشى مع مصالح إيران، خاصة فى ضوء التحديات الاقتصادية المتزايدة التى تواجهها إيران فى ظل العقوبات.

المقاومة المحافظة

ومع ذلك، لا تزال القرارات الحاسمة فى إيران خاضعة لسلطة المرشد الأعلى آية الله على خامنئي، الذى حظر المفاوضات مع ترامب خلال ولايته الأولى. ويعارض العديد من المحافظين، بما فى ذلك المتشددون داخل فيلق الحرس الثوري، بشدة أى حوار مع الولايات المتحدة. ولا تزال هذه الفصائل تعانى من حملة "الضغوط القصوى" التى شنها ترامب واغتيال الجنرال قاسم سليماني، الشخصية الرئيسية فى استراتيجية إيران الإقليمية. ولا تزال الخطابات فى وسائل الإعلام المحافظة، مثل صحيفة "همشهري"، تصور ترامب بشكل سلبي، حتى أنها تشير إليه باعتباره "قاتلًا".
اعترف رضا صالحي، المحلل المحافظ، بالصعوبة السياسية المتمثلة فى التعامل مع ترامب، لكنه ألمح إلى وجهة النظر البراجماتية القائلة بأن مثل هذه المفاوضات قد تخدم مصالح إيران. وزعم أن تركيز ترامب على عقد الصفقات قد يكون أقل ضررًا لإيران مقارنة بالموقف العدوانى الذى تبناه أسلافه. بالنسبة لصالحي، فإن إنهاء الحروب وتجنب الصراعات الجديدة يمكن أن يُنظر إليه على أنه مفيد لكلا الجانبين، وخاصة فى منطقة متقلبة.

دور آية الله خامنئى 

فى حين قد تميل حكومة الرئيس بزشكيان نحو الدبلوماسية، فإن موافقة آية الله خامنئى فى نهاية المطاف أمر بالغ الأهمية. إن دعم خامنئى الطويل الأمد لدور إيران فى الصراعات الإقليمية بالوكالة، وخاصة مع الجماعات المسلحة فى غزة ولبنان، يشكل عقبة كبيرة أمام أى ذوبان دبلوماسي. فى الوقت نفسه، فإن الضغوط الاقتصادية على إيران، والتى تفاقمت بسبب ارتفاع التضخم والسخط الواسع النطاق، قد تدفع حتى الفصائل المحافظة إلى إعادة النظر فى موقفها.
وفقًا للمحللين فى طهران، تواجه إيران معضلة: الاستمرار فى تحدى الضغوط الأمريكية من خلال تعزيز ميليشياتها بالوكالة أو التعامل مع ترامب للسعى إلى مستقبل اقتصادى أكثر استقرارًا. سلط محمد على أبطحي، نائب الرئيس السابق، الضوء على النقاش الداخلى المتزايد فى إيران، حيث يرى البعض أن إعادة انتخاب ترامب فرصة لمواصلة الدبلوماسية النشطة. ولكن آخرين، مثل رحمن قهرمانبور، يحذرون من أن الاتفاق الشامل يتطلب قدرًا كبيرًا من المهارة الدبلوماسية للحفاظ على الدعم المحلى فى حين يتم التفاوض مع قوة معادية تاريخيًا.
على الرغم من الأعمال العدائية السابقة، فإن نهج ترامب فى السياسة الخارجية يظل نقطة محتملة للتفاوض. إن رغبته المعلنة فى إنهاء الصراعات، مثل تلك التى فى غزة ولبنان وأوكرانيا، تتوافق مع بعض مصالح إيران. بالإضافة إلى ذلك، فإن موقف ترامب "أمريكا أولًا" قد يقلل من اهتمامه بإشراك الولايات المتحدة بشكل أكبر فى شئون الشرق الأوسط، مما يوفر فرصة للمنفعة المتبادلة.
ومع ذلك، يلاحظ المحللون أن أى اتفاق من المرجح أن يتوقف على استعداد إيران للحد من دعمها للجماعات التى تعمل ضد إسرائيل حليفة الولايات المتحدة المدللة. وبالنسبة لإيران، يمثل هذا المنهج موازنة دقيقة للغاية، ذلك أن أى تنازل من هذا القبيل من شأنه أن يخاطر بتنفير الفصائل الرئيسية فى الداخل فى حين تسعى طهران إلى الإغاثة الاقتصادية والاعتراف الدولى الذى قد يجلبه مثل هذا الاتفاق.

صفقة براجماتية

بالنسبة لإيران، يظل الطريق إلى الأمام محفوفًا بعدم اليقين. وفى حين أن احتمال التوصل إلى اتفاق مع ترامب يقدم بعض الأمل فى تخفيف نظام العقوبات القاسية، فإنه يفرض أيضًا مخاطر كبيرة على الصعيدين المحلى والجيوسياسي. ومن المرجح أن تحدد القرارات المقبلة، وخاصة فيما يتصل بتورط إيران فى الصراعات الإقليمية وموقفها من التطوير النووي، ما إذا كانت هذه المرحلة الجديدة فى العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران قادرة حقًا على تحقيق سلام دائم أم مجرد تحول سياسى مؤقت.

وتشير أصوات الخبراء فى إيران إلى انقسام فى الاستراتيجية: أحدهم يدعو إلى التحدى والقوة العسكرية، والآخر يدفع نحو الدبلوماسية لضمان مستقبل أكثر استقرارا. وبينما تكافح إيران مع تحدياتها الداخلية وضغوطها الخارجية، فإن الوقت وحده هو الذى سيخبرنا ما إذا كانت إعادة انتخاب ترامب تقدم حقا فرصة للتغيير أم أنها ستؤدى فقط إلى تعميق الجمود القائم.
 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق