مانشستر سيتي في مهب الريح …. هل انتهى عصر غوارديولا الذهبي؟ – الجريدة

81142 L

من غير المنطقي الحكم على مسيرة بيب غوارديولا التدريبية بناءً على موسم واحد فقط، وتجاهل تاريخه المليء بالإنجازات مع مختلف الفرق، ولكن في الوقت نفسه، من غير المنطقي أيضًا تجاهل ما يمر به الفريق والمدرب شخصيًا، بغض النظر عن الأسباب والدوافع، فمن غير المقبول أن يتلقى فريق بحجم مانشستر سيتي، بكل نجومه وتاريخه، تسع هزائم في آخر اثنتي عشرة مباراة، بالإضافة إلى تعادلين وفوز يتيم على نوتينغهام فورست، هذا التراجع الحاد يستدعي التساؤل والتحليل بشكل جاد.

تتعدد التحليلات المُقدمة لتفسير وضع مانشستر سيتي الحالي، النقطة الأولى تتعلق بتبرير هذا التراجع بفكرة “تشبع اللاعبين”، وهو اعتقاد خاطئ تمامًا، فالفريق لم يمضِ عليه سوى عامين منذ أن حقق كل الألقاب الممكنة، وفي الموسم الماضي سيطر على الدوري الإنجليزي بشكل كامل، ويكاد يكون قد وصل لنهائي دوري أبطال أوروبا لولا بعض الظروف، وبالتالي، فإن إلصاق تهمة “التشبع الكروي” باللاعبين هو أمر غير منطقي.

أما النقطة الثانية، وهي عذر “ضعف دكة البدلاء” أو “فقدان لاعب مثل رودري”، فهو عذر أضعف من سابقه، لأن أغلب الفرق التي تغلبت على مانشستر سيتي تُعتبر أضعف منه على مستوى العناصر والمهارات الفردية، حتى الفريق الرديف لمانشستر سيتي يتفوق على هذه الفرق، والحديث هنا ليس عن مواجهات مع الفرق الكبيرة، بل عن فرق مؤخرة الترتيب في الدوري الإنجليزي، أو فرق المستوى الثاني والثالث في دوري أبطال أوروبا، وبناءً على ذلك، فإن هذه الأعذار لا تتناسب إطلاقًا مع إمكانيات الفريق.

ثالثًا، يُلاحظ على غوارديولا حالة من الجمود التكتيكي والذهني، حيث يبدو غير قادر على إيصال أي تعليمات أو أفكار للاعبين، هذا الأمر وضع المدرب الإسباني الشهير تحت دائرة الشك، حيث فقد السيطرة على الفريق وتنفيذ خططه، مما يُعدّ أحد الأسباب الرئيسية في تراجع مستوى الفريق، حيث عجز غوارديولا عن تحفيز اللاعبين واستعادة شغفهم المفقود.

رابعًا، يظهر على لاعبي الفريق استسلام ذهني واضح، حيث فقدوا القدرة على الضغط والمنافسة بفاعلية، هذا الاستسلام يبدو مبالغًا فيه وغير معهود منهم، مما يثير تساؤلات حول أسبابه، هذا التبلد غير الطبيعي يدفعنا للبحث عن تفسيرات غير تقليدية، وأحد الاحتمالات المطروحة بقوة هو ما تم تداوله وتسريبه حول العقوبات المحتملة التي قد تُفرض على النادي، من المحتمل أن تكون أخبار شبه مؤكدة عن عقوبات قاسية، قد تصل إلى حد الهبوط، قد وصلت إلى اللاعبين، ما أدى إلى تحولهم من حالة الاستقرار والثقة في مستقبلهم مع النادي، إلى حالة من التفكير والقلق بشأن مستقبلهم المهني، وبدأوا بشكل لا إرادي البحث عن وجهات أخرى تضمن لهم الاستمرار في اللعب على أعلى مستوى، هذا السيناريو يُعتبر التفسير الوحيد المنطقي لهذا التراجع الكبير في أداء اللاعبين، فمن غير المقبول أن تُعزى هذه النتائج السلبية إلى أسباب أخرى مثل اللياقة البدنية أو الإصابات أو ضغط المباريات، فهذه العوامل لا يمكن أن تُفسر سلسلة الهزائم المتتالية بهذا الشكل المذل، حيث خسر الفريق تسع مباريات ولم يحقق سوى فوز وحيد.

يعتمد نجاح أسلوب غوارديولا على جودة لاعبيه وجاهزيتهم، فهو لم يسبق له التعامل مع فرق متراجعة أو بنائها من الصفر، بل اعتاد على توفر كل الإمكانيات، ما جعله في وضع مريح دائماً. في النهاية، مع احترامنا لمسيرته، يبدو أن غوارديولا يسير على خطى مدربين كبار مثل مورينيو، حيث تحول من مُلهم إلى مُفلس، فالزمن لا يرحم، وكان عليه الرحيل في القمة، لكنه اختار البقاء وتحمل النتائج.

close